موقف الخميني من الشيعة والتشيع
محمد سعد ناصح

 

المقدمة
الغرض من تأليف الكتاب
عقيدة الخميني في الأئمة
الأئمة أفضل من الملائكة والرسل والأنبياء
أعطى الأئمة صفات الله
علم الأئمة
الله الذي عيّن الأئمة
الأئمة يكملون الرسالة
كلام الأئمة تشريع دائم ككلام الرسول
الأئمة حجة الله على خلقه
عقيدة الخميني في الإمام المنتظر
موقف الخميني من حكام المسلمين
كيف ينظرون إلى الحكام المسلمين من غير الشيعة
تهجمه على الصحابة وتكذيبه لهم
تهجمه على الخليفة هارون الرشيد
تشويه الحقائق وتزييف التاريخ
ترضيه عن الطوسي والقداح
الخاتمة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

موقف الخميني من الشيعة والتشيع

إن الباحث المتعمق في دراسة مذهبي أهل السنة والجماعة، والشيعة الجعفرية الإمامية ، لا بد وأن يصل إلى نتيجة حتمية هي أنه لا يمكن أن يتلاقى المذهبان، ولا يمكن أن يتقاربا ، إلا إذا استطعنا أن نجمع بين النقيضينن كالجمع بين الليل والنهار، والفجر والقمر، في آن واحد .

إذا تقرر هذا عند أهل السنة فانهم لن ينخدعوا بالألفاظ المعسولة الجميلة التي تصدر عن السنة دعاة التشيع تدليسا على أهل السنة ومكرا بهم، كي يدفعوا بهم إلى التشيع وكي يلبسوا عليهم دينهم، إن دعاة التقريب يعلمون أنه لا سبيل التقريب إلا بأن تتحول السنة إلى شيعة، أو الشيعة إلى سنة، ويغير ذلك فلا تقارب ولا تقريب .

وما كنا لتناول هذا الموضوع بالبحث والبيان لولا ما أثير في هذه الأيام من بعض أهل السنة الذين اغتروا بباطل الخميني الذي وصل إلى السلطة فيإيران بعد أن حطم حكومة الشاه، وأقام دولة الشيعية على أشلائها .

وبادئ ذي بدء لسنا مع طاغية إيران الشاه، المخلوع، فإن باطله أشهر من أن يذكر، وضلاله لا يحتاج إلى إقامة الدليل .

ولكننا نرفض فضا قاطعا أن ننحاز إلى باطل في مقابل باطل، فالشاه طاغوت ضال، والحركة التي قلبت كرسيه حركة شيعية، لها عقيدتها الضالة، ومذهبها المنحرف، وفقهها الذي يبنى على الأصول التي ارتضاها أهل السنة والجماعة .

وقد كنا إلى عهد قريب نرى أقواما ينكرون على الشيعة عقيدتهم، فإذا بهم اليوم يزعمون أن الخميني رجل معتدل، وأن الحركة الشيعية في إيران حركة صحيحة قويمة صالحة، جاءت لإقامة حكم سليم، وأخذ هؤلاء المخدوعون من أهل السنة يدعون إلى التضامن مع الشيعة ومناصرتهم وتأييدهم .

وكنا نود أن يكو ظن هؤلاء صائبا صادقا، وأن يكون الخميني شيعيا معتدلا، معتدلا في نظرته إلى الأئمة الإثني عشر، وفي نظرته إلى الخلفاء الراشدين، وفي نظرته إلى حكام الأمة الإسلامية، وإلى الصحابة والسلف الصالح .

ولكن ظن هؤلاء هو مجرد ظن ، فالخميني داعية شيعي، غارق في التشيع، ولا نستطيع أن نصفه بالاعتدال .

فهو يرى أن الأئمة الاثني عشر أفضل من الملائكة والأنبياء، والرسل، فضلا عن أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة .

ويروي أن الذين انتزعوا الحكم من الأئمة ظلمة وطغاة، وأن من يستحق الولاية من بعد الأئمة هم فقهاء الشيعة دون سواهم، فلا يجوز أن يتسنم مدة الحكم إلا إمام شيعي أو فقيه شيعي بحفظ نصوص الأئمة وأحاديثهم وأقوالهم .

الخميني يدعو إلى التشيع، ويراه المذهب الحق، ويعتقد عقيدة الشيعة، ومن جملة ذلك! اعتقاده بخرافة غيبة الإمام محمد بن الحسن العسكري، ويرى كما يرى الشيعة، صحة رجعته .

وكنا نود أن لا نكتب في هذا الموضوع، ولكن البيان واجب، ونخشى أن يؤاخذنا الله إن لم نقم بكشف بالباطل ودحضه، وإظهار الحق وإبرازه .

نحن نريد أن لا يمكن للمذهب الشيعي في ديار أهل السنة، فقد تهاون أهل السنة في العراق في مقاومة باطل الشيعة، فكانت النتيجة أن تحولت لأكثرية السنية في العراق إلى أكثرية شيعية .

ومنذ البداية كثر الشيعة عن أنيابهم، فما كادوا يتسلمون زمام الحكم حتى صرح خطيب شيعي في خطبة منقولة من الإذاعة والتلفزيون الإيراني بأنهم قريبا سيفتحون مكة وبغداد وفي الصفحة الأخيرة من كتاب الخميني: الحكومة الإسلامية يقول صلاح خريط في مجلة صوت الخليج " إني أرى الرايات السود قد قرب موعدها " .

قد ينكر المتعاطفون مع الخميني مثل هذه الكلمات، وقد ينتحلون الأعذار بأن قالها، ويقولون: أنه حاقد متعصب، والخميني وجماعته ليسوا كذلك.

ولهؤلاء نقول: طيبوا نفسا، وقروا عينا ، فإننا سنقاضي الخميني إلى كتابته المسطرة المنشورة، لن نحسته بكلام خصومة،ولن نحاسبه على أقوال أتباعه، ولن نحاسبه إلى كلامه المنطوق، بل إلى كتاباته المسطرة، والتي نشرها بين صفوف أهل السنة، ليغذيهم بكفره، ويبرر لهم نظرياته، ومذهبه وعقيدته.

فالحركة في إيران ما كادت تتولى دفة الحكم حتى دفعت إلى المطابع في بيروت وفي الكويت بكتاب الخميني" الحكومة الإسلامية " الذي كان قد نشر في العراق سنة 1970 عندما كانت الخلافات مستحكمة بين البعث والشاه . فقد طبعت دار الطليعة في بيروت هذا الكتاب في هذا العام في ربيع الأول 1399هـ آذار (مارس) 1979.

وصدرت طبعة أخرى مقاربة لطبعة بيروت أو بعدها بقليل في الكويت نشرتها مطابع صوت الخليج بالذات .

وفي السطر الأول من تعريف الناشر للكتاب في طبعة بيروت يقول: ( هذا الكتاب مجموعة من محاضرات آية الله الخميني، قدمته الحركة الإسلامية في إيران تحت عنوان(الحكومة الإسلامية)ص1)(1) من التعريف .

وفي ركن الصفحة الأولى من طبعة الكبت تجد هذا العنوان يصدر الكتاب ( الحركة الإسلامية في إيران ) .

وهذا يدلنا على أن الكتاب مرضى عنه من الخميني نفسه بكل المعلومات التي وردت فيه ومرضى عنه من قبل الحركة في إيران، وليس هناك مجال لرد ما في الكتاب أو التشكيك في الاحتجاج بنصوصه، ومقتضاه الخميني إلى كلامه الذي سطره فيه .

والكتاب وإن كان جملته محاضرات قيلت منذ عشر سنوات، إلا أن هذه المحاضرات كما يقول الناشر ( تتيح متابعة أفضل لتطورات الثورة الإيرانية الحالية ولاحتمالات تأثيرها الإيجابي على المنطقة العربية والعالم أجمع ) ( التعريف ص "هـ" ).

 

الغرض من تأليف الكتاب

قد ينخدع القارئ الذي لا يتعمق في الدراسة والبحث، عندما يتصفح الكتاب أو يقرأه قراءة عابرة، ذلك أن الخميني منطلق في هذا الكتاب من منطلق إصلاح أوضاع الأمة المتردية بسبب سيطرة الحكام الظلمة على الحكم وهو يريد للمسلمين أن يتحركوا لتغيير الأوضاع. وهذا كلام جميل في ظاهرة، إلا أن الخميني ركز حديثه في الكتاب حول قضية واحدة: خلاصتها أن الحكم محصور في الأئمة وهم اثنا عشر إمام وكل من نازعهم الحكم فهو ظالم .

وبما أن الأئمة لم يستمر وجودهم، وتوقف ظهورهم باختفاء الإمام الثاني عشر، فإنه يرى أن لا يتوقف، النضال من أجل تسلم الحكم، ويرى أن الأشخاص الذين يناط بهم قيام الدولة، هم فقهاء الشيعة الذين رووا أحاديث الأئمة،وعلموا علمهم دون سواهم .

وهو في ذلك يخطئ من يرى من الشيعة أن من الواجب انتظار الإمام الغائب، وليس عليهم المجاهدة لتسلم الحكم، ويحتكم بذلك إلى الأدلة العقلية والنصوص التي وجدها في كتاب الشيعة لإثبات ما يراه .

فهذه القضية التي يعالجها الخميني،وهي صلب الكتاب ومعناه، قضية تطعن أهل السنة في الصميم، فهو يرى أن سعي أهل السنة للحكم ظلم وجور، وأن الذين يستحقون قول الولاية هم فقهاء الشيعة فحسب ومما استدل به الخميني على مذهبه قول إمامهم أن القضاء محصور بمن كان نبيا أو وصي نبي، والفقيه ( ويعين به الشيعي طبعا) هو وصي النبي، وفي عصر الغيبة يكون إمام المسلمين و قائدهم والقاضي بالقسط دون سواه(ص76) وينقل لنا الخميني قول الإمام الغائب الذي جاء منه حال الغيبة ( وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواه حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله ) (ص77) .

ويقول في ص49 ( وقد فوض الله الحكومة الإسلامية الفعلية المفروض تشكيلها في زمن الغيب نفس ما فوضه إلى النبي ص وأمير المؤمنين ..) .

هذه هي القضية الأساسية التي يدور حولها الكتاب. وقد نوره به في الصفحة الأولى من الكتاب، وعرف به أيضا، حين ذكر بالخط الواضح الكبير اسم كتابه ( دروس فقهية ألقاها سماحة الإمام الخميني، والمرجع الأعلى للشيعة، على طلاب علوم الدين في النجف الأشرف، تحت عنوان( ولاية الفقيه) .

وبالرغم من أن عنوان الكتاب يفصح عن موضوعه، فإن عقيدة الخميني ومذهبه واضحان أيضا من خلال صفحاته وضوحا بينا كما سترى وسنعرض لذلك كله ونوضحه حتى يتبين وجه الحق قبل أن يتسرع متساهل، فيفزو للخميني ما ينكره هو نفسه، لو عرض عليه أو سمعه .

عقيدة الخميني

عقيدته في الأئمة

الأئمة – عنده – أفضل من الملائكة والرّسل والأنبياء

لو لم يكن هذا الكلام مسطرا بيد الخميني نفسه لقلنا أنه كذب ولا تصح نسبته إليه، ولكن ما عليكم إلا أن نفتح ص 52من كتاب الحكومة الإسلامية للخميني، طبعة بيروت، ثم نقرأ ما كتبه الرجل في الأئمة، ولنقرأ كلامه أولا، ثم نتأمل فيه، يقول للخميني: ( إن للإمام مقاما محمودا، ودرجة سامية، وخلافة تكوينية، تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرّات هذا الكون ) ما معنى هذا القول ؟ وما الخلافة التكوينية التي تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات الكون ؟ أليس في هذا القول رفع الأئمة إلى مقام الربوبية والألوهية، فإننا لا نعرف أحدا غير الله تعالى يرقى إلى هذا المقام .

ولنتابع القراءة في نفس الصفحة، كي نترك الخميني يبين لنا ما عناه بالمقام المحمود والدرجة السامية التي للأئمة، يقول الذين أسموه بآية الله: (وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل ) ويذكر بعد قليل إنه ( قد ورد عن الأئمة قولهم: أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل ) .

ترى هل هناك غلو شيعي أشد من هذا الغلو الذي سطرته بد الخميني ؟! أترى رجلا فيه ذرة من عقيدة صحيحة وإيمان صادق ووعي لما يقول: يقرر أن الأئمة أفضل من الملائكة والرسل والأنبياء، ويقرر أن لهم مقامات لم يبلغها الملائكة المقربون ، ولا الأنبياء والمرسلون . إن الخميني هنا يتجرأ على أن يذكر معلوما من الدين بالضرورة وإنكار حقيقة دينية ساطعة كنور الشمس هن أن الرسل والأنبياء أفضل من غيرهم من البشر جميعا .

سبحانك يارب ، سبحانك: إن هذا إفك عظيم، ووزر كبير، وتكذيب لكتاب الله . وإذا كان هذا مقام الأئمة بالنسبة للرسل فكيف يكون مقامهم بالنسبة للصحابة والخلفاء الراشدين كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وكيف يكون حال حكام بني أمية وبني العباس معهم، إن ما يبلغنا عن سب الصحابة وشتمهم والحقد عليهم (2) . لا بد وإن يكون قد ملأ صدر الخميني الذي يرى أن الأئمة أفضل من الرسل، ذلك أنهم قد هضموا حق الصحابة والخلفاء وقدموا عليهم من هم أدنى منزلة منهم، فهم حكام جور وظلم، وستأتي نصوص الخميني في ذلك .

وإذا كان الأئمة أفضل من الرسل، ومحمد صلى الله عليه وسلم من جملة الرسل ( عليهم الصلاة والسلام ) ألا يكون في قوله تلميح للعقيدة الشيعية القائلة بأن عليا أولى بالرسالة من محمد، وبأن جبريل قد أخطأ عندما جاء بالرسالة، وكان ينبغي أن يلقيها إلى علي، وإلا فكيف نفسر قوله بأن الأئمة أفضل من الرسل، ونلاحظ هنا أن جميع الأئمة- وليس علينا فقط –هم الأفضل، فكل الأئمة أفضل من الرسل والأنبياء بهذا التعميم .

وتابع معي القراءة لنرى العجاب بقوله الخميني ص52( والأئمة كانوا قبل هذا العالم أنوارا فجعلهم الله بعرشه محدقين، وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله وقد قال جبرائيل – كما ورد في روايات المعراج – لو دنوت أنملة لاحترقت ) .

أيها القرّاء: أيها المغترون بباطل هذا الرجل . بالله عليكم فسّروا لنا قوله بعد أن تتأملون فيه وتدققوا في ألفاظه: فكيف كان الأئمة أنوارا قبل خلق العالم وكيف كانوا بعرشه محدقين ؟!! آية خمينية هذه؟! وآية مقاله؟! وآية عقيدة ضالة هذه ؟!

ولم يتوقف الخميني عند هذا الحد، بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، فقد أثبته لفاطمة كل ما أثبته للأمة ورفع مرتبتها فوق البشر مع أن الله قد خاطب أباها ( قل إنما أنا بشر مثلكم ) . استمع إليه يتحدث عن فاطمة: (ومثل هذه المنزلة موجودة لفاطمة الزهراء عليها السلام، لا بمعنى أنها خليفة أو حاكمة أو قاضية، فهذه المنزلة شئ آخر وراء الولاية والخلافة والامرة . حين نقول أن فاطمة لم تكن قاضية أو حاكمة أو خليفة، فليس بمعنى ذلك تجردها عن تلك المنزلة المقربة، كما لا يعني ذلك أنها امرأة عادية من أمثال ما عندنا ) ص 53 وهذا الذي يقرره الخميني لفاطمة من أنها فوق مستوى البشر يقرره في حق الأئمة ، فهو يقول في حق الفقهاء (ص50) ( وهذه مهمة شاقة ينوء بها من هو أهل لها، من غير أن ترفعه فوق مستوى البشر ) وهو بذلك يثبت للأئمة أنهم فوق مستوى البشر، بطرق مفهوم المخالفة .

أعطى الأئمة صفات الله :

نحن نعتقد في الرسول صلى الله عليه وسلم العصمة، ولكنها عصمة تبليغ الرسالة . فالرسول قد يخطئ في الاجتهاد وفي التطبيق وقد ينسى، وقد عاتبه الله في قضية أسرى بدر، وفي عبوسه في وجه الأعمى،وفي تحريمه العسل على نفسه ،ونسى الرسول صلى الله عليه وسلم فصلى رباعية ركعتين.

هذه عقيدتنا في عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم، والخميني يقرر عقيدة الشيعة في عصمة الأئمة، فهو يقول في (ص141):( ومن هنا فقد شدد أئمتنا المعصومين … ) والعصمة تعني عند أمرا لم تستطع نحن أهل السنة إثباته للرسول صلى الله عليه وسلم .

يقول الخميني في الأمة (91): ( نحن نعتقد أن المنصب الذي منحه لا نتصور فيهم السهو أو الغفلة، ونعتقد فيهم الإحاطة بكل ما فيه مصلحة المسلمين )!!!

علم الأئمة :

والأئمة على عقيدة الخميني الشيعية، فقد ورثوا الأنبياء في كل الأمور، والنص بهذا التعميم يشير إلى أن عقيدته فيهم أنهم يوحى إليهم !!، وكيف لا، وهم أفضل من الرسل والأنبياء ، كيف لا، وقد ورثوا الأنبياء في كل الأمور، قال الخميني في ص97: ( وحتى لو فرضنا أن جملة ( العلماء ورثة الأنبياء ) واردة في الأئمة على حد ما ورد في بعض الروايات، فلا يراودنا الشك في أن جميع الأمور، لا في الأحكام والعلوم فحسب) ماذا يعني الخميني بقوله( في كل الأمور، لا في الأحكام والعلوم فحسب) إن لم يكن الوحي والعصمة ؟!

الله الذي عين الأئمة (3) :

والخميني لم يقف عند القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي نص على تعيين الأئمة، بل يرى أن الله هو الذي أوحى بذلك إلى رسوله أمرا إياه ان يعين عليا خليفة من بعده، يقول في (ص42): (الرسول الكريم … قد كلمه الله وحيا أن يبلغ ما أنزل إليه فيمن يخلفه في الناس، ويحكم هذا فقد اتبع ما أمر به، وعين أمير المؤمنين عليا للخلافة ) ويقول في (ص20): ( نعتقد بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد استخلف الرسول به بأمر من الله من يقوم من بعد على هذه المهام ) والخميني تبعا لذلك يرى( أن الإمام منصوص عليه بالذات ) ص 26 .

ويذكر لنا الذي أسموه آية الله في (131) أن الرسول(ص) قال للناس ( من يكون خليفتي ووصي ووزيري على هذا الأمر؟ فلم ينهض إلا علي ولم يبلغ الحلم حينذاك ) .

ويذكر في نفس الصفحة أن الرسول(ص) بلغ هذا الأمر الإلهي في غدير خم حيث بلغ الناس بأن عليا أمير المؤمنين وهذا يعني كما يقول الخميني( أنه الحاكم المهيمن الشرعي على شؤون البلاد والعباد) وأكثر من هذا، فهو يقول في (ص141): (فالملائكة تخضع له، ويخضع له الناس حتى الأعداء منهم، لأنهم يخضعون للحق في قيامه وقعوده وفي كلامه وضمته وفي خطبه وصلواته وحروبه ) .لو لم يبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم هذا لكان خائنا لله :

نحن نرى أن الرسول – صلى الله عليه وسلم- لم ينص على خلافة أحد من بعده، والخميني يرى أننا نتهم الرسول بالخيانة حين نقول بهذا القول، يقول في (ص23): ( يعتبر الرسول- صلى الله عليه وسلم- لولا تعينه الخليفة من بعده غير مبلغ للرسالة ) .

الأئمة يكملّون الرسالة :

والنص السابق يقول أن الرسالة تعتبر ناقصة غير كاملة. والذين يكملون نقصها هم الأئمة، وهو ينص على هذا في (ص19) فيقول: ( وكان تعيين الرسول صلى الله عليه وسلم خليفة من بعده، ينفذ القوانين ويحميها ويعدل بين الناس عاملا متمما أو مكملا لرسالته ) .

كلام الأئمة تشريع دائم ككلام الرسول (ص) :

وليس مستغربا أن يقول الخميني ذلك ما دام قد نص على أن الأئمة أفضل من الرسل، فكلام الأئمة عنده دين يتبع في حياتهم وبعد مماتهم يقول في (ص90): ( نحن نعلم أن أوامر الأمة تختلف عن أوامر غيرهم، وعلى مذهبنا فإن جميع الأوامر الصادرة عن الأمة في حياتهم نافذة المفعول ، وواجبة الاتباع حتى بعد وفاتهم ) .

الأئمة حجة الله على خلقه :

وما دام الأئمة بهذا المقدار وبهذه المنزلة فهم حجة الله على خلقه، ولا يجوز أن نستعجل فنقول لعل هذه الآية الخمينية تريد من قولها بأن الإمام حجة الله – وأنه مبلغ للدين ناشر له، لأنه لم يترك لأحد أن يفهم عنه فهما لا يريده، فقد فسر مراده ووضحه في (ص78) قال:( حجة الله تعنى أن الإمام مرجع للناس في جميع الأمور، والله قد عينه ، وأناط به كل تصرف وتدبير من شأنه أن ينفع الناس ويسعدهم، فحجة الله هو الذي عينه الله للقيام بأمور المسلمين، فتكون أفعاله وأقواله حجة على المسلمين يجب إنفاذها، ولا يسمح بالتخلف عنها في إقامة الحدود وجباية الخمس ) .

ويقول الخميني في قوله تعالى: (( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها )) .

( أمر الله الرسول أن يرد الأمانة – أي الإمامة- إلى أهلها وهو أمير المؤمنين علي وعليه هو أن يردها إلى من بقيه، وهكذا ) .

ويفسّر طاعة أولى الأمر في (ص84) بقوله: (خطاب عام للمسلمين بأمرهم فيه أن يتبعوا أولى الأمر أي الأئمة ويأخذوا عنهم التعاليم ويطيعوا أوامرهم ). ويقول أيضا: ( أولو الأمر هم الأئمة) .

عقيدة الخميني في الإمام المنتظر :

خرافة كبيرة أصل بها الشيعة مذهبهم، ومكنوا للعلماء والفقهاء منهم أن يعلنوا رقاب الناس، ويستحلوا أموالهم، فقد زعموا أن محمد بن الحسن العسكري وهو الإمام الثاني عشر حسب زعمهم قد دخل سرداب بـسامراء، وهو ابن خمس سنين وبقى مختفيا إلى اليوم، وهو مع ذلك حي يرزق وسيرجع يوما ما بعد أن تملأ الأرض جورا وظلما ليملأها نورا وعدلا، والفائدة التي حصل عليها الذين يتزعمون المذهب الشيعي أنهم باسم الإمام المنتظر يحكمون الناس ويولون أمورهم من غير ان يستطيع أحد الاعتراض عليهم، وقد نص على هذه القضية الخميني في أكثر من موضع في كتابه كما في كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة نقلا عن كتاب الحكومة الإسلامية (ص76-77)،( نحيلك في هذا على صفحة (ص76-77 ) من كتابه الحكومة الإسلامية) لنرى تلك الرواية الغريبة العجيبة التي نقلها الخميني من كتاب الوسائل (18/101) كتاب القضاء الباب الحادي عشر الحديث 9 التاسع والنقل بواسطة كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة في كتاب(الغربة) ورواه الطبري في ( الاحتجاج) .

ماذا تقول هذه الرواية المنقولة بالإسناد، وما أعجبه من إسناده، تقول أن ( إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت على) ترى هذا الكتاب موجه إلى من ؟ إنه موجه إلى الإمام الغائب بواسطة أحد نواه وهو محمد بن عثمان العمري .

والخميني يقرر هذه الرواية ويصدقها ويقول: (الرواية الثالثة توقيع صدر عن الإمام الثاني عشر القائم المهدي وسنعرضه مع بيان كيفية الاستفادة منه) .

نعم وجه هذا الرجل(إسحاق بن يعقوب ) (لاحظ الاسمين: اسم الأب والجد فهما اسمان يهوديان في الأصل )، وجه رسالته إلى الإمام المنتظر وورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام، والذي يعنينا من جوابه هذه الفقرة التي احتج بها الخميني على إمامه الفقيه وهي قوله: ( وإما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله، وأما محمد بن عثمان العمري فرضي الله عنه، وعن أبيه من قبل، فإنه ثقتي وكتابه كتابي ) .

يقول الخميني في جملة تعليقه على هذه الخرافة ( فالسائل المعاصر لأوائل غيبة الإمام، وهو على اتصال بنوابه ، ويراسل الإمام ويستفتيه، لم يكن يسأل عن المرجع والفتوى )

وهذه الرواية توضح الفائدة العظيمة التي قصد إليها أولئك الذين زعموا غيبة الإمام، فقد قصدوا أن تصير إليهم أمور الشيعة، وليس الأمر ذلك فحسب،بل أصبحت هذه عقيدة عند الشيعة لا يستطيعون أن يتخلصوا منها، وأصبح حالهم مع فقهائهم حال العبيد مع الأسياد، ذلك أن أئمتهم قالوا لهم ( وهو قول مكذوب باطل) قالوا لهم ( رواة حديثنا حجة عليكم) ولا يفوتني أن أوجه الانتظار هنا إلى أن محمد بن عثمان ( النائب من الإمام) لم ينسى أو ينص في روايته المفتراه، على مقامه العالي ومنزلته العظيمة، حيث زعم على لسان الإمام صاحب الزمان قوله( أما محمد بن عثمان العمر فرضي الله عنه، وعن أبيه من قبل ) .

وبهذه العقيدة، عقيدة الغيبة، يستطيع أي رجل معاد للإسلام وأهله، إذا وصل إلى مرتبة القيادة عند الشيعة أن يزعم أنه اتصل بالإمام صاحب الزمان، وأرمه بكذا وكذا، ومما فيه تخريب للعباد والبلاد، ويستطيع أن يوجه طاقات الشيعة التي حرب الإسلام والكيد لأهله .

والخميني يؤمن بغيبة الإمام الثاني عشر، ويصدق برجعته يوما ما ، وتجد هذا مبثوثا في صفحات كتابه مما يدل على أنها عقيدة راسخة عنده لا تصل الشك ونحن ننقل لك شيئا من عباراته علاوة على ما نقدم ، ففي (ص26) يقول: ( قد مرّ على الغيبة الكبرى لإمامنا المهدي أكثر من ألف عام، وقد تمر ألوف السنين قبل أن تقتضي المصلحة قدوم الإمام المنتظر ) .

ويقول في (ص48): ( واليوم في عهد الغيبة لا يوجد نص على شخص معين يدير شئون الدولة).

ويقول في (ص49): ( وقد فوض الله الحكومة الإسلامية الفعلية . المفروض تشكيلها في زمن الغيبة ) وانظر في (ص 73،79) فقد وردت أيضا هذه العقيدة في عرض الكلام .

وفي (ص144) يخاطب الشيعة قائلا: ( جندوا أنفسكم لإمام زمانكم حتى تستطيعوا أن تبسطوا العدل في وجه البسيطة ).

أما عن كيفية انتقال الإمامة والولاية إلى إمام الزمان، فيقول الخميني (ص98): ( رسول الله ص) الذي كان يلي أمور الناس كل شئ، وقد عين من بعده واليا على الناس أمير المؤمنين، واستمر انتقال الإمامة والولاية من إمام إلى إمام إلى أن انتهى الأمر إلى الحجة القائم ) .

موقف الخميني من حكام المسلمين :

سمعنا أكثر من تصريح لقادة الحركة في إيران، يقولون بأن الإسلام لم يطبق طيلة التاريخ الإسلامي إلا في حياة الرسول – صلى الله عليه وسلم- وفي فترة حكم علي بن أبي طالب، وواضح أنهم لا يعترفون بالعهد الذهبي للحكم الإسلامي في عهود الخلفاء الثلاثة أبي كر وعمر وعثمان ولا يعترفون بالفترة المديدة من الحكم الإسلامي منذ عهد الأمويين بما فيهم الخليفة العادل عمر بن العزيز ولا بحكم العباسيين ومن بعدهم .

ولو قالوا إنه كان في بعض حكام الدولة الأموية والعباسية انحراف وفساد لما أنكرنا عليهم مذهبهم، ولكنهم يعممون كليا، يتنكرون فيه لماضي الأمة، ويتهمون الأمة في كل عصورها بما فيها عهد الخلفاء الراشدين بالانحراف . والخميني لم يخرف من مفهوم الشيعة في هذا، فقد قرر مذهبه الشيعي واستدل بأدلة الشيعة المحرفة أو المكذوبة .

فهو لا يذكر أحدا من الخلفاء: أبا بكر أو عمر أو عثمان أو غيرهم من الصحابة بخير ولا بورد لأحدهم اسما في كتابه . وعندما يحوجه الأمر إلى الاحتجاج لا يذكر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وعليا انظر إلى قوله (ص46): ( وبهذا جرت السيرة على عهد الرسول(ص) وعلى عهد أمير المؤمنين .

وهو ينص على أن الذي يحق له أن يلي أمور الناس منذ عهد الرسول وإلى زمن اختفاء إمامهم صاحب الزمان معروف بقول في (ص47): ( فرأي الشيعة فيمن بحق له أن يلي الناس معروف منذ وفاة رسول الله(ص) وحتى زمان الغيبة، فالإمام عندهم فاضل عالم بالأحكام والقوانين، وعادل في إنفاذها) وأريدك يا أخي القارئ أن تتأمل جيدا في قوله هذا الذي يسمونه آية الله ( منذ وفاة رسول الله وحتى زمان الغيبة ) أنه ألغى حتى حكم أبي بكر وعمر وعثمان، فهؤلاء في رأي الخميني الشيعي لا يستحقون أن يلوا أمور الناس، والنص صريح لا يحتاج إلى تأويل ولا يحتمله، رأي الشيعة فيمن يحق له أن يلي أمور الناس معروف)، ( لاحظ قوله: معروف هو يجري على مذهب الشيعة ولا يعدل عنه ولا يأتي بقول (جديد) منذ وفاة رسول الله(ص) وحتى زمان الغيبة ( ولاحظ المدة الزمنية التي حددها هذا الخميني منذ وفاة الرسول وحتى زمن الغيبة، وهذه الفترة تشمل عهود الخلفاء الثلاثة أبي بك وعمر وعثمان وتشمل الدولة الأموية وجزءا من الدولة العباسية ) .

أما ريه في الحكام الذين جاءوا بعد ذلك فقد سطره في (ص33) قال:( في صدر الإسلام سعى الأمويون ومن يسايرهم لمنع استقرار حكومة على بن أبي طالب، مع أنها كانت مرضية الله وللرسول وبمساعيهم البغيضة تغير أسلوب الحكم ونظامه، وانحراف من الإسلام، لأن برامجهم كانت تخالف وجهة الإسلام في تعاليمه تماما. وجاء من بعدهم العباسيون ونسجوا على نفس المنوال، وتبدلت الخلافة، وتحولت إلى سلطنة وملكية موروثة وأصبح الحكم يشبه حكم أكاسرة فارس وأباطرة الروم وفراعنة مصر، واستمر ذلك إلى يومنا هذا ) .

وتأمل هذا التعميم الذي ختم به كلامه ( واستمر ذلك إلى يومنا هذا ) أي من عهد علي بن أبي طالب اليوم ليس هناك إسلاميا، وكل الحكام كانوا ظلمة طغاة مستبدين،والحكم الإسلامي كان معطلا.

ويقول في (ص79) ( يحتج الله بأمير المؤمنين على الذين خرجوا عليه وخالفوا أمره كما يحتج على معاوية وحكام بني أمية وبني العباس وأعوانهم ومساعديهم بما غصبوه من الحق،وبما شغلوه من المنصب الذي ليسوا له بأهل ) .

كيف ينظرون إلى الحكام المسلمين من غير الشيعة

والخميني صريح في رأيه، فهو ينقل الروايات التي تعتبر التحاكم إلى غير أئمة الشيعة والى غير فقهاء الشيعة تحاكما إلى الطاغوت، ويعتبر كل حكومة غير شيعية حكومة جائرة ظالمة . يقول في (ص79) ( والله يحاسب حكام الجور وكل حكومة منحرفة من تعاليم الإسلام وبأخذهم بما كانوا يكسبون )

وقد علمنا من كلامه إن حكام أهل السنة ومنهم الخلفاء الثلاثة الراشدين من هؤلاء في نظر الشيعة.

وينقل قول الحسين في الحكام الذين في زمانه حيث يقول: ( من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى طاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذه سحتا وإن كان حقا ثابتا له لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به ) . قال الله تعالى:(( يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به )) .

يقول الخميني معلقا على هذا النص في(ص87): ( لقد نهى الإمام في مقام جوابه عن سؤال السائل عن الرجوع إلى حكام الجور في المسائل الحقوقية أو الجزائية نهيا عاما، وهذا يعني أن من رجع إليهم فقد رجع إلى الطاغوت في حكمه وقد أمر الله أن يكفر به) .

ويرى الخميني أن هذا النهج يجب أن يستمر حتى تعطيل الدوائر التي يقوم عليها الحكام الظلمة، لا إلى حين مجيء الحاكم المسلم العادل ، بل إلى حين تولى الحكومة الأئمة أو من نصبهم الأئمة للحكم بين الناس. ومعنى ذلك ان حاكم ليس إماما ولم يصبه إمام فهو من حكام الجور ( راجع ص 87-88) والخميني يصرح بهذا في (ص88) فهو يستشهد بما يرويه الشيعة من الإمام الصادق من قول: ( فإني قد جعلته عليكم حاكما ) على أن العلماء المنصبون وهم علماء وفقهاء الشيعة هم الذين يجب أن يتحاكم الناس إليهم دون غيرهم، بل كما يقول الخميني: ( ولا يحق لهم الرجوع إلى غيره ) (ص88) أي غير هذا الفقيه الشيعي .

ويعتبر الخميني أن ترك الفقهاء الشيعة الذين يعلمون أقوال الأئمة ويحفظونها، والرجوع في القضاء والإحكام إلى القضاء والحكام من غير الشيعة، ( يعتبره رجوعا إلى الطاغوت ) (ص92).

تهجمه على الصحابة وتكذيبه لهم :

يقول في (ص60): ( بعض الرواة من يفتري على لسان النبي (ص) أحاديث لم يقلها، ولعل راويا كسمرة بن جندب يفتري أحاديث تمس من كرامة أمير المؤمنين على ) .

وفي هجومه على الحكومات الظالمة (ص71) يدخل معاوية في جملتهم، فيقول: ( فحكومة الإسلام تطمئن الناس وتؤمنهم ولا تسلبهم أمنهم واطمئنانهم، شأن الحكومات التي تشاهدون أنتم كيف يعيش المسلم تحت بأسها خائفا يترقب، يخشى في كل ساعة أن يهجموا عليه في داره وينتزعوا منه روحه وأمواله وكل ما لديه ) ثم يقول في معاوية: ( وقد حدث مثل ذلك في أيام معاوية، فقد كان يقتل الناس على الظنه والتهمة، ويحبس طويلا، وينفي من البلاد، ويخرج كثيرا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ) ثم يقول: ( ولم تكن حكومة معاوية تمثل الحومة الإسلامية من قريب ولا من بعيد ) .

تهجمه على الخليفة هارون الرشيد :

وممن خصه الخميني بالذكر في هجومه هارون الرشيد، فهو يصفه بالجهل في (ص133): (وهاهو التاريخ يحدثنا عن جهال حكموا الناس بغير جدارة ولا لياقة، هارون الرشيد، أية ثقافة حازها ؟ وكذلك من قبله ومن بعده ) وانظر إلى عبارة من قبله ومن بعده لتعلم أن الخميني يتهم كل الحكام قبله وبعده بذلك طبعا ما عدا الأئمة .

انظر إلى حديثه عن هارون الرشيد والمسلمون في (ص146-148) وكيف وصفهم بأنهم أئمة جور

ترضيه عن الطوسي والقداح :

ومن أشد الناس إفسادا كما يذكر لنا التاريخ الإسلامي هذان الرجلان، فقد أساء إلى أهل السنة إساءة بالغة . يقول محب الدين الخطيب في نصير الدين الطوسي ( الخطوط العريضة (ص29)(بعد أن كان حكيم الشيعة وعالمها النصير والطوسي، ينظم الشعر في التزلف للخليفة العباسي المعتصم، ما لبث أن انقلب عليه في سنة 556 محرضا عليه ومتعجلا نكبة الإسلام في بغداد . جاء في طليعة الذبح العام في رقاب المسلمين والمسلمات أطفالا وشيوخا ، ورضي بتفريق كتب العلم الإسلامي في دجلة ).

هذا الطوسي ينال من الشيخ الخميني التمجيد والتبجيل ويعتبر أعماله وأفعاله الإجرامية خدمات جليلة للإسلام، ويعتبر فقده خسارة كبيرة للإسلام، ويقرنه بالأئمة فيقول:( ويشعر الناس بالخسارة أيضا بفقدان الخواجه نصير الدين الطوسي وأضرابه ممن قدموا خدمات جليلة للإسلام ) ولاحظ لقب خواجه الذي لقبه به . ولاحظ لفظ خدمات جليلة . وقد كشف لناشيئا من هذه الخدمات الجليلة في (ص142) وهو يتحدث عن التقية، وإنها لا تجوز في كل حال، بل في بعض الأحوال. ومثل لهذا البعض الجائز فقال في (ص142):( إلا أن يكون في دخوله الشكلى نصر حقيقي للإسلام وللمسلمين، مثل دخول على علي بن يقطين ونصير الدين الطوسي (4) رحمهما الله ) فما الذي قدمه نصير الدين الطوسي إلا ما ذكرناه آنفا من ذبح المسلمين وسفك دمائهم، وانظر كيف يترحم عليه الخميني ويعتبر فعله هذا نصرا حقيقيا للإسلام .

تشويه الحقائق تزييف التاريخ :

الشيعة يشوهون الحائق ويزيفون التاريخ، هل صحيح ما يقوله الخميني في (ص146) ( وأئمتنا وشيعتهم كانوا على مدى الاحقاب يقاومون سلطات الجور في كل مكان ولا يهادنونها ، وبسبب من ذلك فقد نالهم من الخسف والاذى الكثير ) .

أن كل ما فعله الشيعة الوقوف في وجه حكام المسلمين ودعاة السنة في كل مكان، مرة بالعلانية، ومرة بالإفساد من الداخل، وإلا فأين دور الشيعة في محاربة الكفر والشرك والضلال في أقطار الأرض. كل ما يريده الشيعة الحكم، والحكم لمن ؟ لأنفسهم فحسب .

الشيعة يحاربون الملكية ووراثة الحكم في الوقت الذي يضعون عقيدة لا دين إلا بها، وهي أن الحكم للأئمة ولأتباع الأئمة من الشيعة، هم ينادون بإبطال الملكية، ثم يتحولون إلى طلاب حكم يلزمون أتباعهم يتوارثه دون سواهم .

الشيعة يزعمون أنهم سيحاربون اليهود ويستردون فلسطين، ونحن نعلم أنهم سيتاجرون بفلسطين كما تاجر غيرهم بها، وحتى لو كانوا صادقي، فإنهم يرون الطريق إلى القدس لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال السيطرة على مكة والمدينة .

إن شيعة لبنان مثال واضح فطيلة الأحداث الأليمة الماضية في لبنان، كان الشيعة منعزلين، لم يقدموا للمسلمين والفلسطينيين شيئا، يل كانوا وبالا عليهم.

واختتم هذه الكلمات التي كتبتها هنا بكلمة وردت على لسان الخميني، في مقابلة مع مجلة الكفاح العربي، وألحقت بكتاب الخميني: الحكومة الإسلامية (ص165) طبعة الكويت .

يقول الخميني: ( لقد حاول الشيعة منذ البداية تأسيس دولة العدل الإسلامية، ولأن هذه الدولة أو هذه الحكومة وجدت فعلا في عهد النبي صلى الله وسلم، وفي عهد الإمام علي عليه السلام، فإننا نؤمن بأنها قابلة للتجديد، لكن الظالمين غبر التاريخ منعوا توضيح الإسلام في إبعاده جميعا ) .

أن الخميني يزعم هنا أن دولة الرسول (ص) دولة الشيعة، وشيعية فقط، ويزعم أن الدولة الشيعية قامت في عهد الرسول(ص) وفي عهد علي بن أبي طالب . وكانت هذه الدولة هي دولة العدل، وأن الظالمين ( بهذا التعميم) منعوا توضيح الإسلام. ومن هم الظالمين ؟ لا شك أنهم جميع حكام الحكومات الإسلامية الذين جاءوا قبل وبعد علي بن أبي طالب كما سبق أن بيناه، إنني لا أريد أن يبقى أهل السنة في غفلتهم حتى تأتي الرايات السود من قبل إيران، وحين ذاك يفيقون على أصوات السلاح حيث لا ينفع الندم، هذه ألفاظ الخميني جئت بها يا أخي القارئ وأما وراء الألفاظ أعظم وأدهى، فلا تنخدع بكلمات زينوها، يدعون بها الأخوة مع أهل السنة، ذلك أنها أخوة لا طعم لها ولا قيمة بعد كل ما صدر منهم ومن أتباعهم عبر تاريخ الإسلام الطويل .

وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين .

-----------------

(1) طبعت المطبعة الأولى في النجف في العراق سنة 1970 في خمس كراريس وقد سمحت الحكومة العراقية بنشره عندما كان .
(
2) ارجع لكتاب حكم سب الصحابة لابن تيمية وابن عابدين والهيثمي .
(
3) الأئمة هنا هم الاثنا عشر الذين اختصتهم الشيعة الإمامية بالإمامة، بخلاف الفرق الشيعية الأخرى. ولو كان النص القطعي الذي لا يحتمله التأويل هو الذي ورد بتعيين للإمام، فلم اختلف الشيعة فيما بينهم ؟!! وفي وقت مبكر جدا، وذلك عند وفاة جعفر الصادق فذهب قوم إلى أن الإمامية في إسماعيل بن جعفر، وقال آخرون بل لموسى بن جعفر شقيق إسماعيل، وكلاهما من ذرية فاطمة رضي الله عنهما وأبوهما إمام معصوم .
(
4) يقصد الدخول الشكلى تولى الطوسي الوزارة زمن الخليفة المستعصم، آخر الخلفاء العباسيين. دخلها ليحقق للشيعة مآربها. وقام الطوسي بهذا خير قام، حيث هيأ لهولاكو دخول بغداد بعد أن دله على مداخلها (راجع تاريخ ابن الفوطي) فتأمل في حسن ظن أهل السنة وحقد الطوسي. وشيعتهم كانوا على مدى الأحقاب يقاومون سلطات الجور في كل مكان ولا يهادنونها، ويسبب من ذلك فقد نالهم من الخسف والأذى الشيء الكثير) .

موقع فيصل نور

 

تم نشر الكتاب لدى مكتبة (المفكرة الدعوية)

www.dawahmemo.com